كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَجْمَعَ أَهْلَ بَيْتِهِ بَعْدَ خَتْمَهُ لِلْقُرْآنِ وَيَدْعُو ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَدْعُو بِالْأَدْعِيَة الْجَامِعَة ، لَكِنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْهُ نَصًّا محددا بِالدُّعَاء
، فَبَعْد خَتَمَ الْقُرْآنَ الْكَرِيمِ ، نَجِدْ فِى عَدَدٍ مِنْ الْمَصَاحِفِ دُعَاءٌ يُقَالُ لَهذا الدعاء دُعَاءُ خَتَمَ الْقُرْآنَ الكريم ، وَمن الجدير ذكره انه لا يَعْرِفُهُ الْكَثِيرِ من الناس أَنْ هَذَا الدُّعَاءَ لَمْ يَرِدْ عَنْ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّمَا هُوَ دُعَاءٌ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ لَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ .
وَلَمْ يُرِدْ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِ دُعَاءٌ مُعَيَّنٌ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ ، وَيَتَخَيَّر مِنْ الْأَدْعِيَةِ النَّافِعَة كَطَلَب الْمَغْفِرَةَ مِنْ الذُّنُوبِ ، وَالْفَوْز بِالْجَنَّة ، وَالنَّجَاةَ مِنْ النَّارِ
، وَالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الْفِتَنِ ، وَطَلَبِ التَّوْفِيقِ لِفَهْم الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِى يَرْضَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالْعَمَلِ بِهِ وَحِفْظُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ أَهْلِه عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنَ ويدعو)
، أَمَّا النَّبِىّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلَمْ يَرُدَّ عَنْهُ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ .
وَمَن أَشْهُر أَدْعِيَة خَتَمَ الْقُرْآنَ هِى : “اللهم ارحمنى بِالْقُرْآن وَاجْعَلْه لِى إمَامًا وَنُورًا وَهُدًى وَرَحْمَةٌ . . اللَّهُمّ ذَكَّرَنِى مِنْه مانسيت وعلمنى مِنْه ماجهلت وَارْزُقْنِي تِلَاوَتِه آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ وَاجْعَلْهُ لِي حُجَّةٌ يَارَبّ الْعَالَمِين .
اللَّهُمَّ أَصْلِحِ لِى دينى الَّذِى هُو عِصْمَة امْرِئ ، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَاي الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي ، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي ، وَاجْعَل الْحَيَاة زِيَادَة لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَل الْمَوْتِ رَاحَةٌ لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ
. . اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرٌ عُمْرِي آخِرِه وَخَيْر عَمَلِي خواتمه وَخَيْر أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقَاكَ فِيه . اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ عَيْشُه هُنَيَّة وَمَيْتَة سَوِيَّة ومردا غَيْر مخز وَلَا فَاضِحٌ . .
اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُك خَيْرَ الْمَسْأَلَة وَخَيْر الدُّعَاء وَخَيْر النَّجَاح وَخَيْر الْعِلْم وَخَيْر الْعَمَل وَخَيْر الثَّوَاب وَخَيْر الْحَيَاة وَخَيْر الْمَمَات وثبتنى وَثَقُل موازيني وَحَقَّق إِيمانِي وَارْفَع دَرَجَتِي وَتُقْبَل صَلَاتِي وَاغْفِر خَطِيئَتِي وَأَسْأَلُك الْعُلَا مَنْ الْجَنَّةِ . .
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِك وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِك وَالسَّلَامَةُ مِنْ كُلِّ إثْمٍ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بُرٍّ وَالْفَوْز بِالْجَنَّة وَالنَّجَاةَ مِنْ النَّارِ . .
اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا ، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ . .
اللَّهُمّ أَقْسَم لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ ماتحول بِه بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعْصِيَتِك وَمَن طَاعَتِك ماتبلغنا بِهَا جَنَّتِك وَمِنْ الْيَقِينِ ماتهون بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبُ الدُّنْيَا وَمَتّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وأبصارنا وقوتنا ماأحييتنا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا وَاجْعَل ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا وَانْصُرْنَا
عَلَى مَنْ عَادَانَا وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَر همنا وَلَا مَبْلَغ عَلِمْنَا وَلَا تَسَلَّط عَلَيْنَا مِنْ لَا يَرْحَمُنَا . .
اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إلَّا غَفَرْته وَلَا هَمًّا إلَّا فَرَّجْته وَلَا دَيْنًا إلَّا قَضِيَّتُه وَلَا حَاجَةَ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إلَّا قَضَيْتهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . .
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْأَخْيَار وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرا” . .
فَضْل خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ
رَمَضَانَ هُوَ شَهْرُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ ؛ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى : ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ ، وَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ : ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾ .
وَقَالَ سُبْحَانَهُ : ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
“كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ
حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ” مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَعَن السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ :
“أن أَبَاهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ أَخْبَرَهَا أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً ، وَأَنَّهُ عَارَضَهُ فِي عَامٍ وَفَاتِه مرتين” مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . .